07‏/03‏/2011

الوضع الاقتصادى الآن لا يدعو للانزعاج.. ولكن الخوف من المستقبل

بالرغم مما أبداه المجلس الأعلى للقوات المسلحة من تخوف إزاء الوضع الاقتصادى الحالى بالبلاد، وبالرغم من أن العديد من المصريين يسيطر عليهم حالة من القلق والتوتر تجاه توافر الغذاء والأسعار وتوقف المصانع فى ظل التغيرات المتوالية للوزراء والتظاهرات الممتدة لاستكمال مطالب الثورة، إلا أن عددا من المسئولين والخبراء أكدوا أنه بينما توجد بعض الضغوط على عدد من القطاعات الاقتصادية، إلا أن الصورة ليست قاتمة بالشكل الذى يتصوره البعض، «الشروق» تلقى بالضوء على الوضع الحالى للاقتصاد المحلى والتحديات التى تواجهه.

«مخزون هيئة السلع التموينية من القمح والزيت والسكر والأرز وغيرها من السلع الرئيسية آمن ويكفى احتياجات المواطنين لمدة تتراوح ما بين ثلاثة وستة شهور»، هذا ما أكده نعمانى نعمانى، نائب رئيس الهيئة، لـ«الشروق»، مشيرا إلى أن المخزون الحالى للقمح يؤمن احتياجات خمسة أشهر، بينما يغطى رصيد الهيئة من الزيت والأرز استهلاك ثلاثة أشهر ونصف الشهر، وستة شهور على التوالى.

كما أنه من ناحية أخرى فإن تعاقدات الهيئة على استيراد مختلف السلع مستمرة ولم تتوقف، «نحن نختار الوقت المناسب من حيث السعر لدخول مناقصات وشراء احتياجاتنا»، أضاف نائب رئيس الهيئة.

وبالرغم من ذلك أبدى نعمانى تخوفه من زيادة فاتورة الواردات خلال الفترة المقبلة، مستندا فى ذلك إلى الارتفاع المتوقع للطلب مع عودة مليون ونصف المليون عامل من ليبيا، فى الوقت الذى يقوم فيه البعض بتبوير الأراضى الزراعية والاعتداء عليها، «مما قد يتسبب فى تخفيض الإنتاج عن الأرقام المستهدفة للعام الحالى»، بحسب قوله.

وأكد نعمانى أنه لا يوجد أى تخوف من عدم القدرة على تلبية احتياجات المواطنين، «فالمخزون والتعاقدات أيضا تغطى الاحتياجات، وإنما فقط نحن قلقون من زيادة فاتورة الواردات فى وقت تشهد فيه الأسعار العالمية اتجاها تصاعديا مما سيتسبب فى زيادة عجز الميزان الجارى»، على حد تعبيره.

فى هذا السياق، توقع معهد الصادرات الزراعية، وفقا لتصريحات هشام العتال، أحد أعضاء مجلس إدارته، لوكالة الأنباء بلومبرج، أمس الأول، زيادة واردات مصر من القمح بما يقرب من 5% لتصل إلى 10.8 مليون طن فى 2011، على خلفية زيادة الطلب المحلى المتوقعة.

وتجدر الإشارة إلى أن واردات مصر من القمح تلبى 60% من احتياجات السوق المحلية، التى بلغت 17.9 مليون طن فى 2010، لتصل فاتورة ما تتحمله موازنة الدولة لاستيراد القمح 3 مليارا دولار سنويا، وفقا للعتال، مشيرا إلى أن معدل استهلاك الفرد من القمح فى مصر هو الأعلى على مستوى العالم، حيث يقدر بـ 185 كيلو للفرد سنويا.

وتأتى هذه التوقعات للزيادة فى واردات القمح فى الوقت الذى أعلنت فيه منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) الخميس الماضى عن ارتفاع مؤشر المنظمة لأسعار الغذاء لأعلى مستوى على الإطلاق فى فبراير، متجاوزا الذروة التى بلغها فى عام 2008.

وفى هذا الإطار، كشف نائب رئيس هيئة السلع التموينية أنه تقدم بطلب لوزارة المالية لزيادة التمويل المخصص للهيئة رافضا الإفصاح عن حجم هذا التمويل الإضافى المطلوب.

وهذا ما دفع سمير مصطفى، أستاذ الاقتصاد بمعهد التخطيط ومتخصص فى السياسات الزراعية، إلى ضرورة اتخاذ الحكومة لبعض الخطوات الاحترازية خلال الفترة المقبلة من أجل تقليل أثر الارتفاع المرتقب فى الأسعار، وتوفير الغذاء بأسعار مرضية للطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل.

ومن بين هذه الإجراءات إجراء تعاقدات إضافية فى الوقت الحالى قبل أن ترتفع الأسعار بمعدلات أكبر، بحسب قوله، مؤكدا أن وجود كميات إضافية من هذه السلع الاستراتيجية يساهم فى ضبط الأسعار.

ورشح مصطفى أسواقا مثل الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبى، التى تتمتع بفائض كبير من إنتاج الحاصلات، والذى يمكنها، من خلال التفاوض، بتوقيع عقود طويلة الأجل مع مصر من أجل تفادى ارتفاع الأسعار.

إلا أن نعمانى اعترض على فكرة العقود طويلة الاجل، خصوصا أن «عدم القدرة على التنبؤ بمستقبل الأسعار قد يكون فى صالح مصر، فلا أحد يعلم بعد ما إذا كانت روسيا ستعود مرة ثانية إلى قائمة مصدرى القمح أم لا، الأمر الذى من شأنه زيادة المنافسة وانخفاض الأسعار، ومن هنا قد تكبدنا العقود طويلة الأجل خسارة»، بحسب قوله مشيرا إلى أن كلا من أمريكا والاتحاد الاوروبى لا يقدمان أى تنازلات «فهما يتمسكان بسعر السوق ولا يتنازلان عن مصالحهما من أجل دولة أخرى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق