07‏/03‏/2011

نجاة ثوار التحرير من الإعدام





يوجد 125 نصا قانونيا يتيح لأمن الدولة صلاحيات واسعة ويمكنه من التدخل فى الشئون العامة والخاصة»، هذه النصوص حصرها المحامى بالنقض والخبير القانونى، عبدالله خليل، الذى قال لـ«الشروق»: «الفساد فى قانون العقوبات الحالى، كل سلطات أمن الدولة نابعة من فساد التشريعات الواردة فى قانون العقوبات». وتطرق خليل فى حديثه إلى المرجعية القانونية التى تنظم عمل جهاز أمن الدولة، مطالبا بتعديل اختصاصاته وتقييد صلاحياته، التى لم تتغير منذ إنشاء البوليس السياسى وإصدار قانون العقوبات فى الثلاثينيات.


أمن الحكومة وليس أمن الدولة

أوضح خليل أن الأسس القانونية التى تنظم عمل جهاز أمن الدولة تنص على التهم التى تضر «بأمن الحكومة» وفقا للمصطلح القانونى، مشيرا إلى أن الكتاب الثانى، من الباب الأول فى قانون العقوبات ينص على الجنايات والجنح المضرة «بأمن الحكومة وليس بأمن الدولة من جهة الخارج»، أما الباب الثانى فتضمن أيضا الجنايات والجنح المضرة «بأمن الحكومة من جهة الداخل».

وقال إن القسم المتعلق بأمن الحكومة من الخارج يتضمن 39 نصا تجريميا، ويشترك أمن الدولة مع جهات سيادية أخرى فى متابعة هذه الجرائم، أما الجنايات والجنح المضرة بأمن الحكومة من الداخل تشمل 39 نصا تجريميا، 16 نصا منها يتعلق بالإرهاب، و23 نصا تجريميا يتعلق بتجريم حق التنظيم وهذه النصوص خاصة المادة 98 التى تتضمن 9 بنود، تجرم جميع أشكال التنظيم الموجودة فى مصر، كما تتضمن المادة 102 مكررا تجريم إذاعة الأخبار والشعارات الكاذبة. ووفقا لخليل: «هذا معناه أن يمتد اختصاص أمن الدولة، أو أمن الحكومة إلى شئون الأحزاب السياسية، والجمعيات الأهلية، والنقابات، واتحادات الطلاب، وتنظيم الجامعات، ففساد التشريع هو مدخل الانتهاك فى إطار القانون والتدخل فى الشئون العامة».

ووسع القانون اختصاص أمن الدولة ليمتد إلى الصحافة والإعلام، ويقول خليل «الباب الـ14 من العقوبات به 34 مادة تتعلق بالصحافة وبهذا تبلغ النصوص المرتبطة بسلطات أمن الدولة أو الحكومة 125 نصا تجريميا تجعله يتدخل فى كل الأنشطة».

ولم يغفل خليل الإشارة إلى دور قانون الطوارئ فى توسيع صلاحيات جهاز أمن الدولة، «هذه الجرائم تخضع للإجراءات التشريعية فى قانون الطوارئ، وتختص بالتحقيق فيها نيابة أمن الدولة العليا وتخضع لنشاط أمن الدولة».


من البوليس السياسى إلى أمن الدولة

ويشرح خليل تاريخ هذا الجهاز الذى تحول من البوليس السياسى إلى أمن الدولة فى عام 1953 بعد 23 يوليو: «سنة 1953 صدر قرار من وزير العدل بتغيير الاسم لأمن الدولة، وإنشاء نيابة أمن الدولة، وإلحاقها بمكتب النائب العام، وآلت لنيابة أمن الدولة اختصاصات منوط بها للنيابة العسكرية فى قوانين الأحكام العرفية».

ولكن خليل يؤكد أن أمن الدولة استمر بنفس سياسة البوليس السياسى، وقال «الذى أعاد صياغة عمل البوليس السياسى، ووسع اختصاصه حكومة إسماعيل صدقى، واستمر العمل بهذه الفلسفة حتى الآن للتدخل فى الحياة السياسية». وأكد خليل عدم تعديل القوانين المعنية باختصاصات أمن الدولة، وقال: «لم يتم تعديل قانون العقوبات، والمصطلح الوارد بالجرائم المضرة بأمن الحكومة من 1937».

ولفت إلى أن أحد أحكام محكمة النقض أوضحت أن المقصود بمصطلح «قلب نظام الحكم» الوارد فى قانون العقوبات، هو شكل الحكومة وسبق وأيدت المحكمة حكما صادرا ضد متظاهرين كانوا يرددون هتافات «تسقط الحكومة»، وأضاف «نحن فى حاجة لتعديل هذه المادة».

ولفت إلى أن ثوار التحرير كانوا معرضين لتطبيق هذه المادة وعقوبتها السجن المشدد والأشغال الشاقة المؤبدة، فضلا عن تحميلهم مسئولية الجرائم المرتكبة من قبل بلطجية الحزب الوطنى، لأنها تمت لتوريط المتظاهرين فى اتهامات تصل عقوبتها إلى حد الإعدام، وقال: «لو خرج الثوار من ميدان التحرير دون تغيير لطبقت عليهم أحكام الإعدام وأصبحوا مجرمين».


تعديل اختصاصات لا إلغاء

ولم يمل خليل إلى الاقتراحات التى تطالب بحل جهاز مباحث أمن الدولة، مُفضلا ما سماه بإعادة الهيكلة، وتغيير اختصاصات الجهاز وتعديل القوانين «الفاسدة».

واعتبر خليل أن إجراء إصلاح تشريعى يقلص صلاحيات جهاز أمن الدولة، ليقتصر دورها فى التنسيق مع الجهات السيادية الأخرى لمتابعة جرائم أمن الدولة من الخارج، وغل يد هذا الجهاز، وقال «أجهزة أمن الدولة تعمل فى كل أنحاء العالم، لكن لا علاقة لها بمراقبة المواطنين نحتاج إعادة الهيكلة وإلغاء اختصاصات».

وقال: «بناء مجتمع ديمقراطى يحتاج تغيير البنية التشريعية، التى تمنح اختصاصات واسعة للأمن»، وطالب بقوانين توفر ضمانات للمتهمين فى عمليات الاستجواب، فى قانون الإجراءات الجنائية، والنص على حق المتهم فى الاستعانة بطبيب مستقل وتوقيع كشف طبى فور القبض عليه، مشيرا إلى وجود هذه النصوص فى القانون اللبنانى.

كما شدد على ضمان حق المتهم فى محامٍ عقب القبض عليه والعلم كتابة بأسباب القبض عليه، بالإضافة إلى حقه فى التزام الصمت، فضلا عن تعديل القوانين التى تجرم التعذيب فى مصر.

وأضاف خليل أن قانون تنظيم السجون ضمن القوانين التى تحتاج إلى تعديلات، موضحا منح القانون لوزير الداخلية سلطة تحديد أماكن خاصة للاحتجاز، وقال «هذه الأماكن من بينها مقار أمن الدولة التى تخضع لاستثناء التفتيش»، مشيرا إلى عدم جواز تفتيشها إلا بمعرفة النائب العام أو من يندبه بدرجة رئيس نيابة على الأقل، على عكس أماكن الاحتجاز الأخرى التى يجوز لأعضاء النيابة والقضاة تفتيشها والتحقيق فى التجاوزات التى تقع بداخلها.

ولفت خليل إلى وجود نص آخر فى قانون تنظيم السجون شدد على ضرورة تعديله «يوجد نص يسمح لرئيس الجمهورية بإنشاء سجون خاصة وتحديد الفئات التى توضع بها وشروط معاملتهم، بموجب هذا النص تم إنشاء سجون شديدة الحراسة».

وأشار إلى تجربة عدد من دول أوروبا الشرقية فى التحول الديمقراطى، مطالبا بتطبيق العدالة الانتقالية فى مصر، وتشكيل لجان «الحقيقة»، لإجراء تحقيقات مستقلة فى الجرائم التى ترتكب من قبل النظام، وقال «ألمانيا بدأت فى فحص جرائم ألمانيا الشرقية عام 1990 وانتهت فى 2000».

وأوضح أن دور هذه اللجان يتحدد فى فحص الجرائم ومعرفة الظروف التى أدت إلى ارتكابها، وإصدار توصيات لتفادى تكرارها فى المستقبل.

وأكد أن حرق الملفات فى مقار أمن الدولة أو فرمها يهدف لطمس الحقائق، وهو أمر سبق وحدث فى بلدان أوروبا الشرقية لإخفاء العملاء والمصادر السرية للمعلومات وعدم الكشف عن الانتهاكات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق