07‏/03‏/2011

نجاة مواقع أثرية رومانية بليبيا من عمليات النهب



يصر الليبيون فيما يبدو على حماية تراثهم الثقافي الثري خلال الاحتجاجات المناهضة للعقيد معمر القذافي، ويدافعون عليها من النهب الذي شهدته جارتها مصر خلال ثورتها قبل عدة أسابيع.

واستعمرت ليبيا كل الإمبرطوريات القديمة التي سيطرت على منطقة البحر المتوسط، ومن ضمن التراث الثقافي الخصب لليبيا مدينة لبدى الكبرى، وهي مدينة ساحلية بارزة تعود إلى عهد الدولة الرومانية، وتقع آثارها على بعد نحو 130 كيلو مترا إلى الشرق من طرابلس.

وهذه المدينة هي مسقط رأس الإمبراطور سبتيموس سيفيروس، وتضم مسرحا رومانيا، وحمامات من الرخام، وشوارع ذات أعمدة، وتعد درة تاج التراث الروماني.

وفي حين أن الاتصال مع ليبيا بات أمرا صعبا في ظل الظروف الراهنة، فإن عالمي آثار عملا كثيرا في البلاد، وقالا إن الآثار هناك بخير على عكس ما حدث خلال الانتفاضة التي شهدتها مصر مؤخرا.

وقال حافظ الولدة، وهو ليبي يقدم المشورة إلى إدارة الآثار في ليبيا، وقاد يوما عملية استشكاف في مدينة لبدى الكبرى: "حتى الآن لم ترد تقارير على الإطلاق من أية مناطق من التراث الثقافي لليبيا عن تأثرها بالاضطرابات".

وقال من مقر إقامته بلندن: "نحن دائما قلقون على هذا الأمر فيما يتعلق بحدوث فوضى، الأمر يسير في الاتجاه الصحيح حتى الآن، لكن لست متأكدا من أن الحال ستسير على هذا المنوال، لا أعلم".

وفي يناير اقتحم لصوص المتحف المصري الذي يضم أعظم مجموعة من الكنوز الفرعونية في العالم، وحطموا عدة تماثيل، وأتلفوا مومياوتين، في الوقت الذي كانت تخوض فيه الشرطة معارك مع محتجين مناهضين للحكومة في الشوارع.

وقال مصري عبر الحدود إلى تونس لرويترز، أمس السبت: إن صبراتة وهي بلدة رومانية قديمة لها مسرح روماني ومسرح آخر تم ترميمه، حيث شاهد بنيتو موسوليني عروضا خلال الاحتلال الإيطالي أصبح في أيدي المدنيين، لكن لم يتسن التحقق من هذه المعلومات.

وقالت صحيفة قورينا التي تتخذ من بنغازي مقرا في وقت سابق خلال الأسبوع، إن عددا كبيرا من القوات الحكومية انتشرت هناك.

وقال عالم الآثار البريطاني بول بينيت الموجود في ليبيا منذ ثلاثة أسابيع بمنطقة برقة التي تفجرت منها الاحتجاجات: "ليبيا وطني الثاني وكل هذا أسوأ كابوس".

ومضى يقول: "أسمع قصصا عن نهب من مخيمات العمل وما شابه ذلك، إنها مناطق نائية نسبيا، وأعتقد أن ميليشيا محلية تسيطر على القرى والبلدات".

وأضاف بينيت، وهو رئيس بعثة جمعية الدراسات الليبية في لندن، "هناك حواجز طرق، وسكان محليون يحمون ممتلكاتهم وأحياءهم، ومن خلال ذلك يرعون التراث الثقافي أيضا".

وذكر أن فريقا من خبراء الآثار تم إجلاؤهم قبل عدة أيام، وأنه على اتصال بالأصدقاء والزملاء هناك.

وقال "كل شيء يبدو بخير، ليست لدي مخاوف بعينها من أن المتاحف ستتضرر من كل هذا.

"أنا واثق من أن السكان المحليين سيحمونها، وأن العاملين في إدارة الآثار سيضمنون أن كل شيء على ما يرام وفي أمان"، ولم يتسن الاتصال بالإدارة في طرابلس للتعقيب.

وبدأت عمليات الاستكشاف الأثري بشكل جدي في ليبيا في الثلاثينيات من القرن العشرين، عندما كانت تأمل إيطاليا الفاشية القوة الاستعمارية في ذلك الوقت أن تؤكد وجود الإمبراطورية الرومانية، وأن تثبت السيادة التاريخية لإيطاليا على البحر المتوسط، كما أدى هذا إلى اكتشاف النفط.

وتراجعت الاكتشافات الأثرية بعد ثورة القذافي عام 1969، لكن بعض علماء الآثار الأجانب واصلوا العمل، وقاموا باكتشافات حتى خلال فترة تدني العلاقات مع الغرب.

وقال: الولدة "تجاهلها النظام لفترة من الوقت، في وقت من الأوقات لم يكن ينظر لها على أنها تراث ليبي بل استعماري."

وأضاف أن حكومة القذافي سعت لتحسين الموارد والبنية الأساسية في السنوات الأخيرة وسط جهود لتنمية السياحة.

وقال الولدة، "أتمنى أن تتغير المواقف، نريد أن ينظر لإدارة الآثار على أنها جزء من الهوية الليبية ومستقبل ليبيا".

وقال هو وبينيت: إنهما يأملان العودة إلى ليبيا، وقال بينيت: "كل ما أتمناه أن يستقر الوضع، وأن نعود إلى العمل معا قريبا، إنه حلمي على أية حال".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق